中文  English
الصفحة الأولى > معلومات عن السفير > أخبار السفير
السفير الصيني في السعودية: مبادرة طريق الحرير ترسم مستقبل التنمية والتعاون الدوليين
2015-09-22 01:36

تعوّل جمهورية الصين الشعبية على دورٍ محوري للمملكة العربية السعودية في تفعيل مبادرتها لإعادة إحياء "طريق الحرير" ، أحد أهم معابر التجارة في قارات العالم القديم آسيا وأوربا وافريقيا ؛ والذي تعيد الصين احياءه وفق مبادرة "الحزام والطريق" .

ويأتي ذلك انطلاقًا من الثقل الذي تمثله المملكة العربية السعودية في علاقتها مع الصين حاليًا ، حيث تعتبر المملكة الشريك الاقتصادي الاول للصين في المنطقة، وبحجم تبادل تجاري بينهما يصل الى نحو 70 مليار دولار سنويًا . وأيضًا لجهة المركز الجغرافي المهم للمملكة، لاسيما امتدادها على سواحل البحر الأحمر، التي شكلّت قبل نحو 2000 عام مركزًا رئيسيًا لتجارة طريق الحرير البحرية لمناطق شبه الجزيرة العربية وشمال افريقيا.

وتبرز في هذا السياق الحركة المكوكية للسفير الصيني في المملكة العربية السعودية لي تشينغ وين، مع أصحاب القرار في المملكة ومع مختلف الفاعليات الاقتصادية والاجتماعية لشرح اسباب مبادرة "الحزام والطريق" في الوقت الحالي ، والمكاسب التي يمكن أن تحققها المملكة دولة وشعبًا من خلال السير بهذه المبادرة .

الاقتصاد والأعمال التقت السفير لي ، صاحب الخبرة الطويلة في المنطقة العربية والمتحدث باللغة العربية، واستوضحت منه في حوار شامل نية الصين من خلال اعادة احياء طريق الحرير ، وأبرز الايجابيات التي يمكن تحققها هذه المبادرة للمنطقة العربية عمومًا وللمملكة العربية السعودية بنحو خاص .

وفيما يلي تفاصيل الحوار :

ما هو مسار العلاقات الصينية السعودية حاليًا ، وكيف ترونه للمستقبل ؟

ان العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية ، تعتبر استراتيجية بالنسبة لنا . كما هو معلوم ، ان هذه العلاقات تشمل مختلف المستويات سياسيًا واستثماريًا واجتماعيًا . ولعل الترجمة الامثل لهذه العلاقات ، ما نتج عن زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز الى الصين في السنة الماضية، حيث تمّ التوقيع على مجموعة من الاتفاقات الهامة بين البلدين .

وعلى الصعيد التجاري ، فان المملكة تعتبر الشريك التجاري الأول للصين في المنطقة ، حيث يصل مجموع التبادل التجاري بيننا الى حوالي الـ70 مليار دولار سنويًا . وهناك تواصل مستمر بين الطرفين على مستوى التبادل الحضاري والثقافي ، والتعليمي . نحن لدينا في الصين نحو 1400 وافد سعودي ممن يتابعون دراساتهم في الجامعات الصينية .

ان جميع هذه العوامل تؤكد على متانة العلاقات السعودية الصينية من جهة ، وتبعث برسالة واضحة باستمرار هذه العلاقات وترسخها في المستقبل .

هل من أولويات محددة تركزون عليها في الوقت الحاضر ؟

في الوقت الذي نسعى فيه الى تطوير العلاقات على مختلف الصعد ، الا ان هناك مجالات تأخذ اولوية بلا شك . وهنا نتحدث عن مبادرة الصين لاعادة احياء ما عرف قديمًا بـ"طريق الحرير" ، الذي تعيد الصين اطلاقه تحت مسمّى "الحزام والطريق" . وتهدف الصين من اطلاق هذه المبادرة الى تعزيز التشارك مع دول المنطقة عمومًا ، ومع المملكة العربية السعودية على نحو خاص نظرًا لموقعها وثقلها الجيوسياسي والاقتصادي في المنطقة . بل وهناك نقاط مشتركة كبيرة بين المملكة والصين ، والتي نعتقد أنها يمكن ان تشكل حجز الزاوية في تنفيذ مبادرة "الحزام والطريق" . فالصين حاليًا تعتبر من اسرع الدول في مسار التنمية ، وكذلك المملكة التي تشهد تحولاً كبيرًا في مجال تنويع اقتصادها ، ورفع مستوى البنية الأساسية وخلق فرص العمل . ونحن على ثقة بأن مبادرة "الحزام والطريق" ستساعد المملكة ودول المنطقة كما الصين ، في تسريع وتيرة التنمية واستدامتها على حدٍ سواء .

لماذا مبادرة "الحزام والطريق" حاليًا ؟

ان الاقتصاد الصيني دخل في مرحلة جديدة ، ركيزتها الاساسية تحسين جودة الاقتصاد والحفاظ على سرعة النمو المستقر وتقليص الفروقات الاجتماعية بين مختلف المناطق . وهذا يتطلب مزيدًا من الانفتاح الصيني على الدول المجاورة والاقليمية بشكلٍ رئيسي، وأيضًا على دول العالم . ان العالم اليوم غير عالم حقبة "طريق الحرير" ، هناك تعددية أكبر ومساحات جديدة لم تكن معروفة سابقًا ، وهذا ما يدفعنا الى التأكيد على أن مبادرة "الحزام والطريق" تمثل إحدى الطرق المثلى لتعزيز التشارك والتعاون بين دول العصر .

وانفتاح الصين سيؤدي الى خلق مزيد من التعاون بين الدول ، وعلى قاعدة تنموية تتشارك فيها الدول الاعضاء في مبادرة "الحزام والطريق"، وعلى نحو سلمي تام يحفظ حقوق الجميع .

مبادرة الحزام والطريق

سبيل للتعاون والكسب المشترك

ما هو دور الدول العربية في هذه المبادرة ؟

ان اعادة احياء "طريق الحرير" أو مبادرة "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الـ21" الملخص ب"الحزام والطريق " ، تتضمن خمس مجالات رئيسية للتعاون ، والتي نعتقد أنها تصب في مصلحة دول المنطقة بشكل كبير .

المجال الاول تواصل المنشآت . واعني تطوير البنية الاساسية للدول التي تشملها هذه المبادرة ، من طرق ومواصلات ، الموانئ ، وقطاع اتصالات متطور، والأنابيب الخ... . ان توفير هذه البنية ستؤدي الى تسهيل عملية التواصل بين دول طريق الحرير.

المجال الثاني تنشيط التجارة . وهذا مرتبط بالمجال السابق ، حيث ان تطوير البنية الاساسية لبلدان "الحزام والطريق" ، سيؤدي الى تعزيز التبادل التجاري بينها بلا شك . وهذا يستتبع ايضا تقليص الاجراءات الجمركية بين هذه البلدان ، وتخفيف عبء انتقال حركة البضائع .

المجال الثالث تسهيل التواصل والتبادل المالي . من المعروف انه كلما كان هناك سهولة في حركة السيولة النقدية وتبادل العملات كلما ساهم ذلك في دفع التعاون بين دول العالم. وغياب هذا العامل يخلق الكثير من العقبات بين دول الجوار ، وهو ما نأمل أن تساهم دول "طريق الحرير" في حلّه .

المجال الرابع التبادل الحضاري . ان تعزيز التبادل الحضاري بين شعوب دول المنطقة ، يكتسب اهمية قصوى كونه عاملاً مهما في زيادة وعي هذه الشعوب بأهمية التواصل بينها وتعزيز العلاقات المشتركة على مختلف الصعد .

المجال الخامس رفع مستوى التعاون والتبادل بين الافراد . من وجهة نظرنها لا يمكن لأي استراتيجية أن تنجح بدون الاهتمام بالفرد ، وهذا العامل يؤكد على اهمية تعزيز الوعي الفردي بأهمية التعاون مع أفراد مجتمعات دول "طريق الحرير" .

هل ستمنح هذه المبادرة استثمارات محددة خاصة بالدول العربية ؟

صحيح الصين بادرت في اطلاق هذه المبادرة ، ولكنها ليست محصورة بيد الصين فقط . الشيء الجيد أنها لاقت ترحيبًا وقبولا كبيرا من الاصدقاء العرب ، وهذا ما يفتح المجال أمامنا لتحديد سبل التعاون المستقبلي ، بما في ذلك تنشيط الاستثمارات المفيدة لكلا الجانبين .

وكما تعلمون ، فان الصين عملت على اطلاق بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية AIIB ، والذي سيخصص للاستثمار في تطوير البنية التحتية لدول القارة الاسيوية . وقد لاحظنا مساهمة واسعة من دول المنطقة الخليجية في هذا البنك ، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية .

بنك الاستثمار الآسيوي أبرز ثمار مبادرة الحزام والطريق

و60 دولة أعلنت انضمامها الى البنك

هل سنشهد فروعًا لهذا البنك في وقت قريب أو مركز اقليمي له في المنطقة ؟

ان خطوات انشاء " بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية " تسير وفق المخطط له ، وجميع الدول المساهمة في تأسيس هذا البنك تعمل سويا لإنهاء الاجراءات اللازمة للاعلان الرسمي عن التأسيس . ومن المتوقع أن نشهد انطلاقا للبنك مع نهاية هذه السنة ، وهذا يعتبر تطورًا سريعًا وايجابيًا جدًا لبنك بهذا الحجم .

وبالتأكيد فأننا نعوّل كثيرًا على دور الدول الخليجية في دعم مسيرة البنك لما تتمتع به من وفرة نقدية وتأثير في السياسة الاقتصادية على الصعيدين الاقليمي والعالمي . ولا ننسى أيضًا أن هناك دول عربية أخرى انضمّت الى البنك، كمصر والأردن. وبشكل عام ، هناك أكثر من 60 دولة حتى الآن انضموا الى تأسيس البنك، ونحن نتوقع انضمام المزيد من الدول من آسيا ومن القارات الأخرى .

ما هو الدور المتوقع أن يلعبه بنك الاستثمار الآسيوي ؟

سيتركز عمل البنك على تطوير وتنشيط مشاريع البنية الاساسية في آسيا . هناك العديد من الدول الآسيوية التي تعاني من ضعف بنيتها الاساسية نتيجة ضعف قدراتها المالية . ونحن نعوّل على ان يعمل البنك بالتعاون مع جهات دولية أخرى ، كالبنك الدولي ، على توفير الاموال اللازمة لمشاريع البنية الأساسية في هذه الدول .

أذرع مبادرة الحزام والطريق المالية

بنك آسيا للاستثمار ، بنك البريكس ، وصندوق طريق الحرير

هل سيكون لدول البريكس تعاون في هذا الاطار ؟

ان موضع البنك الآسيوي للاستثمار منفصل عن آلية دول البريكس ، هذه الآلية لها مصرفها الخاص هو "بنك بريكس" . ولكن الأخير سيكون أحد الادوات المالية لدعم مبادرة "الحزام والطريق" . وهناك ايضًا مبادرة أخرى أطلقتها جمهورية الصين الشعبية على صعيد الدعم المالي لهذه المبادرة وتتمثل بـ"صندوق طريق الحرير" . وبالمحصلة، إن "بنك الاستثمار الآسيوي " ، و"بنك البريكس" ، و "وصندوق طريق الحرير" هي جهات مستقلة لكن أدوات مترابطة ومتكاملة لدعم التنمية المشتركة، مما يفيد مبادرة "طريق الحرير" أو "الحزام والطريق" موضوعيا. ونحن حاليا دخلنا في مرحلة التنفيذ لهذه المبادرات ، وأود أن اكرر على ان جميع هذه المبادرات هي بيد الجميع وليست محصورة بأي طرف .

السعودية مركز اهتمام استثماري ومالي

للمستثمريين الصينيين

ماذا عن مشاريع الطاقة، هل من تطورات استثمارية او تصورات جديدة حول هذا الملف بينكم وبين المملكة العربية السعودية تحديدًا ؟

أود في البداية أن أشير الى ان هناك نموذج تعاون رائد في مجال الطاقة بين الصين والمملكة تم تدشينه مؤخرًا، وهو مشروع مصفاة ينبع. وتبلغ قدرة انتاج المشروع نحو 20 مليون طن سنويًا من النفط المكرر . كذلك هناك شراكة بين الصين وشركة "ارامكو" في مشروع "مصفاة سينوبك" في الصين . طبعًا هناك مشاريع اخرى مع شركة "أرامكو" أيضًا وشركة "سابك" في الصين تتركز في كل من مدينة "تينجين" و "شنغهاي" ومقاطعة "فوجيه" . ونحن على يقين بان هذه المشاريع الناجحة ، ستقود الى مشاريع أخرى في الصين وفي المملكة .

نلاحظ اهتمام السعودية بتطوير الطاقة النووية ، هل من اهتمام لكم في هذا المجال ؟

نحن نلاحظ اهتمام المملكة عمومًا بتطوير الطاقة البديلة بمختلف قطاعاتها، النووية، والشمسية، والرياح ..الخ . الصين لديها التكنولوجيا في كل هذه المجالات ، وهناك بحث بين البلدين على هذا الصعيد لانشاء مشاريع مستقبلية في الطاقة البديلة .

هل تجدون الشركات الصينية لديها اهتمام متزايد للاستثمار في الاقتصاد السعودي ؟

أود أن اشير هنا الى ان الصين حققت خلال العام الماضي سابقة في تاريخها الاقتصادي ، وتمثل بتفوق حجم الاستثمارات الصينية في الخارج على نظيراتها الاجنبية في الداخل . وهذا يشمل زيادة استثمارات الصين في دول الخليج العربي ، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية . ولا أذيع سرا بان هناك تشجيعًا مستمرًا من الحكومة الصينية للشركات الصينية لزيادة الاستثمار في دول الخليج لما لهذه الدول من آفاق تنموية واعدة . وأخص بالذكر هنا، زيادة الاستثمارات الصينية في المناطق الصناعية ، وفي المدن الاقتصادية لدول الخليج العربي . ان الاستثمار في هذه المجالات ستفتح مزيدًا من فرص العمل لابناء دول المنطقة من جهة ، كما ستعزز قدرات الشركات الصينية في المنطقة .

من الملاحظ ان القطاع المالي الصيني يعزز حضوره في المنطقة ، وكذلك هناك تواجه لتعزيز التعامل بالعملة الصينية (اليوان) في المنطقة . ما هي توقعاتكم للحضور المالي والمصرفي الصيني في المنطقة ؟

بالتأكيد ، هناك توجه لتعزيز الحضور المصرفي والمالي والصيني في المنطقة . قريبًا سنشهد افتتاح "فرع بنك الصين للصناعة والتجارة" (ICBC) في المملكة العربية السعودية ، وهو البنك الصيني الاول في المملكة . وهذا يحمل دلالة واضحة على تعزيز التبادل المالي والمصرفي بين البلدين . وهذا يؤكد على ما أشرت له حول أهمية التعاون المالي الذي يلعب دورًا كبيرًا ومهمًا في تعزيز التبادل التجاري والاقتصادي بين دول المنطقة والصين .

حول تعزيز التعاون في القدرات الإنتاجية

هناك موضوع هام ومتعلق ب"الحزام والطريق" هو تعزيز التعاون الدولي في القدرات الإنتاجية. إن الدول النامية الآن تحاول تحقيق التنمية المستدامة، فلا بد أن تبني أساسا صناعيا قويا. وفي هذا الصدد، نعتقد أن هناك أفق واسع للتعاون الصيني مع دول طريق الحرير. ذلك لأن كثير الدول المعنية تحتاج وتسعى إلى تطوير الصناعات المختلفة خاصة المملكة، وإن الصين تمتلك أكبر القدرات الإنتاجية لأكثر من 200 نوع من المنتوجات الصناعية، ونستعد من خلال تصدير القدرات الممتازة ونقل التكنولوجيا وتدريب الأفراد لدعم التنمية الصناعية في المملكة وغيرها في عملية البناء المشترك ل"الحزام والطريق"، مما يحقق التقدم المشترك.

إلى الأصدقاء:   
طباعة الصفحة