中文  English
الصفحة الأولى > معلومات عن السفير > أخبار السفير
ليس فقط النفط.. دعوة للتعاون في «القدرات الإنتاجية»
2015-07-12 17:50

لي تشينغ وين

السفير الصيني لدى السعودية

قبل وقت وجيز، انخفض حجم صادرات المملكة العربية السعودية الشهرية من النفط إلى الصين نزولا من المقام الأول إلى الثالث، وقد أثار هذا الأمر القلق لدى أصدقائي. وحقيقةً، فإن احتياجات الصين إلى النفط السعودي ستحافظ على توجه الازدياد على مدى طويل، مع تطور اقتصاد الصين المستمر والمطرد، وعلاوة على ذلك، لا يقتصر التعاون بين البلدين على تجارة النفط، بل يتكوّن من عدة مجالات، فمثلا: التعاون في القدرات الإنتاجية هو مجال نمو جديد ومهم في التعاون الاقتصادي الثنائي بين البلدين.

إن التعاون الصيني - السعودي في القدرات الإنتاجية، بمجمل القول، هو التعاون في الصناعة والاستثمار بين الصين من جهة باعتبارها من القوى الصناعية الكبرى في العالم، والسعودية من جهة أخرى باعتبارها أكبر اقتصاد في العالم العربي، وذلك لالتقاء استراتيجية التنمية وخطة بناء الصناعات وتحقيق تكامل المزايا والتنمية المشتركة بين الطرفين.

إن التعاون في القدرات الإنتاجية يعني تعددية التنمية، وفي السنوات الأخيرة بذلت المملكة العربية السعودية جهودا نشيطة في تطوير اقتصاد الصناعات غير النفطية، وبنت المناطق الصناعية والمدن الاقتصادية في الجبيل وينبع وجازان وغيرها، وقد شاركت الشركات الصينية في بناء الصناعات السعودية، مثل الإسمنت ومواد البناء والتعدين والبنية التحتية والمنتجات البلاستيكية... إلخ، الأمر الذي دفع إلى تعددية الاقتصاد ورفع القدرات الإنتاجية ذات الصلة.

والصين تتمتع حاليا بالقوة الشاملة والقدرة التنافسية الدولية في بعض المجالات، مثل: السكك الحديدية والكهرباء والاتصالات والطاقة النووية والفضاء، أما السعودية فهي تستمر في تعزيز بناء الصناعات المحلية، وتهتم بالمجالات التكنولوجية، وكل ذلك يؤدي إلى التكامل الممتاز بين المزايا الصناعية للصين، ومزايا الموارد والجغرافيا واحتياجات التنمية للسعودية.

ومرة أخرى، فإن التعاون في القدرات الإنتاجية يعني الاستفادة الكاملة من الموارد الطبيعية، فالسعودية تتمتع بموارد طبيعية غنية، مثل النفط والغاز الطبيعي، وهذان الجزآن يتم تطويرهما بشكل جيد، كما لها احتياطيات مميزة من المعادن، مثل الذهب والزنك والنحاس والفوسفات، وهذا التعاون يسعى إلى حُسن استغلال القائم، واستكشاف الجديد، فعلى سبيل المثال نجحت الصين والسعودية في التعاون بمشروع المصفاة المتكاملة، ما مدد سلسلة صناعة النفط ورفع قدرة المعالجة للموارد. ومثال آخر: السعودية تتمتع بكثافة أشعة الشمس العالية وأراض مترامية الأطراف، وبلغت كمية تطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية فيها 124560 تريليون واط، وهي من أغنى دول العالم من حيث الطاقة الشمسية، أما الصين فتملك أكبر صناعة للطاقة الشمسية في العالم، ولديها التكنولوجيا والتجارب والسلسلة الصناعية الكاملة، والشركات الصينية والسعودية تبحث الآن التعاون في الطاقة الشمسية لبناء قدرتها الإنتاجية المتقدمة في السعودية.

إن التعاون في القدرات الإنتاجية يعني توسيع الاستثمارات، وهو يعود بالفوائد الشاملة والطويلة المدى لتنمية الصناعات، فيستحق زيادة الاستثمار فيه، وعلى سبيل المثال إن مصفاة ينبع التي تشارك في تمويلها شركة سينوبك الصينية تحقق القدرة الإنتاجية بـ400 ألف برميل كل يوم، وتعد أكبر مشروع للاستثمار البتروكيماوي الصيني في غرب آسيا وأفريقيا، حيث استثمر فيه الجانب الصيني 3.75 مليار دولار. وفي السنوات الأخيرة ازدادت الاستثمارات الصينية في الخارج بسرعة، حيث بلغ حجم الاستثمارات المباشرة في الخارج عام 2014م 102.89 مليار دولار، الذي تجاوز الاستثمارات الأجنبية تجاه الصين لأول مرة.

وحاليا تركز الصين على دعم التعاون الاستثماري في الخارج عبر الطرق المختلفة المتمثلة في الأموال الخاصة لتنمية التجارة الخارجية والقروض التفضيلية وضمان ائتمانات التصدير على المديين المتوسط والطويل وغيره، كما أن بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية الذي تشارك الصين والسعودية فيه، سيعطي الاستثمارات في المنطقة قوة دافعة.

ويعطي التعاون في القدرات الإنتاجية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة القوة على تنمية نفسها، وكما هو معلوم فإن صناعات الصين تتمتع بميزة التكلفة، فبالنسبة إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يعد كثير من خطوط الإنتاج والتكنولوجيا أكثر مناسبة من حيث الأسعار مقارنة بخطوط أخرى منافسة، كما أنه يتفق مع طلبات الأسواق، فمثلا في الدمام هناك مصنع الأنبوب الفولاذي الذي تشاركت فيه المؤسسات الخاصة الصينية - السعودية، وتم استيراد خطوط الإنتاج الكاملة من الصين، ويصنع بها الأنابيب لشركة أرامكو السعودية. وأنا شخصيا قمت بزيارة إلى أحد مصانع مواد البناء في ينبع الذي يستخدم التجهيزات والتقنية الصينية ويصنع مواد بنائية عالية الجودة تحظى بإقبال حار في أسواق السعودية وأوروبا وأميركا. وإلى جانب ذلك، قال لي كثير من الأصدقاء السعوديين إنهم الآن يفكرون في استيراد خطوط الإنتاج الخاصة بمواد البناء العالية الجودة ومواد الديكور وإطارات السيارة من الصين، ما يعطينا أملا في نمو وازدهار هذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

والتعاون في القدرات الإنتاجية يعني أيضا زيادة فرص العمل وتطوير قدرات اليد العاملة، ونظرا لأن عدد الشبان السعوديين تحت سن 25 عاما يحتل أكثر من 51 في المائة من إجمالي عدد سكان السعودية، فإنه إذا تم تطوير إمكاناتهم بشكل كامل سيكونون بمنزلة موارد أكثر حيوية وإبداعا، ما سيوفر منصة لتأهيل الأكفاء والدفع بهم بقوة، فمثلا حققت مصفاة ينبع 80 في المائة من نسبة السعودة، ووفرت وظائف الإدارة والفن لأكثر من ألف سعودي. كما أسست شركة هواوي الصينية في الرياض مركزا للتدريب، حيث جرى تدريب 8 آلاف نسمة لشركة الاتصالات السعودية وشركة أرامكو السعودية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومن خطط الشركة مستقبلا تقديم تدريبات لـ5 آلاف نسمة خلال العامين أو الثلاثة المقبلة.

وفي النهاية فإن التعاون في القدرات الإنتاجية يعني رفع القدرة الشاملة للدول النامية، حيث من المستحيل لأي دولة نامية أن تعتمد على نفسها فقط للتنافس والحصول على الموقع الأعلى والأفضل في السلسلات العالمية للتوريد والصناعات والقيمة، بل يجب تعزيز التعاون بين الدول النامية لتحسين الهيكل الصناعي الداخلي وتحقيق الترابط والتطوير المتبادل لصناعاتها.

وفي عصرنا هذا الذي يشهد فيه الهيكل السياسي والاقتصادي الدولي تغيرات عميقة، فإن الصين والسعودية بصفتهما من الدول النامية الكبرى في آسيا ومن مجموعة العشرين، لا بد أن تتحملا مسؤوليتهما لمواكبة تطورات العصر واستجابة لمتطلبات النهضة الوطنية، وعليهما التقدم يدا بيد على طريق التعاون في القدرات الإنتاجية.

رابط المصدر: http://aawsat.com/node/404456

إلى الأصدقاء:   
طباعة الصفحة