في 5 يونيوعام 2025، نشر سعادة السفير لدى المملكة العربية السعودية تشانغ هوا مقالة موقّعة على جريدة الشرق الأوسط " 'جسر اللغة الصينية' يربط طريق الصداقة"، النص الكامل هو كما يلي :
في 27 مايو، توجهتُ إلى مدينة جدة الساحلية الجميلة لحضور التصفيات النهائية للدورة الرابعة والعشرين من مسابقة "جسر اللغة الصينية" العالمية لطلبة الجامعات في المملكة العربية السعودية والدورة الثامنة عشرة من مسابقة "جسر اللغة الصينية" لطلبة المدارس المتوسطة والثانوية، وذلك في جامعة الملك عبدالعزيز. وهذه هي السنة الثانية على التوالي التي أشارك فيها في مسابقة "جسر اللغة الصينية" منذ تولّي مهامي العام الماضي، حيث أردت أن أتابع مستوى الطلبة للغة الصينية بعد سنة من الدراسة، وأنا سعيد جدا بأدائهم الممتاز.
انطلقت المسابقة هذا العام لطلبة الجامعات في أوائل شهر أبريل، وتقدم للمشاركة في التصفيات التمهيدية 122 طلبة، وهو عدد يعادل ضعف عدد المشاركين في العام الماضي، مسجلًا رقمًا قياسيًا غير مسبوق. وعلى الرغم من أن مسابقة لطلبة المدارس المتوسطة والثانوية تُنظَّم لأول مرة في المملكة، إلا أن المشاركة كان كبيرًا، حيث واصل الطلبة الاستفسار عن إمكانية المشاركة حتى قبيل انطلاق المسابقة، يرغبون في استعراض مهاراتهم في اللغة الصينية على منصة "جسر اللغة الصينية". وخلال التصفيات النهائية، قدّم الطلبة عروضًا فنية متنوعة، شملت فنونًا تقليدية مثل فن الخط الصيني وإلقاء الشعر، إلى جانب التواءات اللسان، ودبلجة الرسوم المتحركة، وغناء الأغاني الصينية المعاصرة، ورسم اللوحات الفنية بالفرشاة الصينية، مما أضفى على المسابقة طابعًا جديدًا ومميزًا. وعندما صدحت أنغام الأغاني الصينية الكلاسيكية الشهيرة مثل "زهرة الياسمين" و"القمر يمثّل قلبي" وتجسدت رموز الثقافة الصينية كالبامبو، والأوركيد، والفوانيس التقليدية على الورق، أصبحت المسابقة مليئا بجو صيني فريد. وشهدت مسابقة طلبة الجامعات مشاركة مميزة لأحد المتسابقين من ذوي الإعاقة البصرية، ولكنه لم يكتفِ بإتقان اللغة الصينية تحدثًا بطلاقة فقط، بل قدّم أيضًا عرضًا رائعًا في التمرينات البدنية الصينية التقليدية فن "تاي تشي" و"بادوانجين". وخلال حفل توزيع الجوائز، ربتت على كتفه يشجعه على مواصلة جهوده في تعلّم اللغة الصينية، والإسهام في تعزيز التبادل الثقافي بين الصين والمملكة.
قدّم المتسابقون عروضًا غنية ومتنوعة وبأساليب مبتكرة، مما عكست إتقانهم الراسخ للغة الصينية وعمق معرفتهم بالثقافة الصينية. ومثل هذا الإنجاز لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة الجهد والتراكم المتواصل على المدى الطويل
. "اللغة هي التي قرّبت بيننا، والثقافة هي التي عمّقت فهمنا لبعضنا البعض""اللغة الصينية جسر حقيقي للتواصل بين الثقافات""من خلال اللغة الصينية، أدركت المعنى الحقيقي لمقولة: العالم أسرة واحدة، فنحن جميعًا عائلة واحدة""شعار 'عالم واحد، أسرة واحدة ' ليس مجرد كلمات، بل هو إيمان مشترك يجمعنا".
عبّر المتسابقون عن فهمهم العميق والحيوي للغة الصينية، في نظرهم من خلال قصصهم الشخصية مع الصين، ولم تكن اللغة الصينية مجرد معرفة أكاديمية جافة، ولا كلمات وجملا للحفظ، بل كانت ذكرى لا تُنسى لتذوق طعم "الهوُت بوت" السيشواني لأول مرة، والتعامل مع المعلمين الصينيين، ولحظة سعادة عند أداء رقصة سعودية تقليدية أمام أصدقاء صينيين، وهي كذلك حلم جميل بأن "كل من في نطاق البحار الأربعة أخوة له"، وتعزيز أواصر الصداقة بين الصين والمملكة العربية السعودية.
شهد مستوى اللغة الصينية لدى الطلبة السعوديين تحسنًا ملحوظًا خلال العام الماضي، وحققت مسيرة تعليم اللغة الصينية في المملكة تقدمًا كبيرًا. ولا يمكن فصل هذه الإنجازات عن رعاية فخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ولا عن الدعم القوي من وزارة التعليم السعودية والمؤسسات التعليمية في مختلف المناطق، فضلًا عن الجهود المخلصة التي تبذلها الجامعات والمدارس، والتفاني المستمر من المعلمين السعوديين والصينيين على حدٍّ سواء.
يصادف هذا العام الذكرى الخامسة والثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والمملكة العربية السعودية، وهو أيضًا "العام الثقافي الصيني السعودي" لأول مرة. وقد أصبحت اللغة الصينية جسرًا مهمًا لتعزيز الصداقة بين شعبي البلدين، وتوطيد التبادل والتفاعل الحضاري بين الصين والسعودية. احتفلت المملكة هذا العام بـ"اليوم العالمي للغة الصينية" بحفاوة بالغة، حيث قامت وزارة التعليم وإدارات التعليم في مختلف المناطق بالترويج الواسع للمناسبة، وتنظيم ندوات حول تعليم اللغة الصينية، وزيارة الفصول الدراسية، وتقديم التهاني للمعلمين الصينيين. كما نظّمت الجامعات والمدارس في مختلف أنحاء المملكة فعاليات متنوعة مثل "ركن اللغة الصينية" والمسابقات الخطابية باللغة الصينية، مما يعزز اهتمام الطلبة باللغة الصينية، ويحفزهم على تعلمها وإتقانها بحماس كبير. بدعوة من الجانب الصيني، قام معالي وزير التعليم الأستاذ يوسف بن عبدالله البنيان بزيارة رسمية إلى الصين في شهر أبريل من هذا العام، حيث التقى معالي وزير التعليم الصيني هواي جين بينغ، وتوصّل الجانبان إلى توافق مهم حول تعزيز التعاون في مجال التعليم، وأكدا عزمهما المشترك على دفع تعليم اللغة الصينية في المملكة إلى مرحلة جديدة.
أشار فخامة الرئيس شي جينبينغ أن "مسؤولية الصين، باعتبارها البلد الأم لهذه اللغة، تكمن في دعم وتسهيل عمل المجتمع الدولي في تعليم اللغة الصينية." إن دعم تطوير تعليم اللغة الصينية في المملكة العربية السعودية هو من أهم المهام للسفارة والقنصلية الصينية لدى المملكة. وقد أبحر تعليم اللغة الصينية في السعودية بالفعل نحو آفاق واعدة. وفي نظرة نحو المستقبل، سنواصل دعمنا واهتمامنا بتطوير تعليم اللغة الصينية في المملكة، ونعمل جنبًا إلى جنب مع مختلف الجهات السعودية لتهيئة بيئة مناسبة للشباب السعودي على تعلم اللغة الصينية، ونساعدهم على زيارة الصين للتبادل والدراسة، ونجعل اللغة الصينية جسرًا للتفاهم المتبادل بين القلوب، ليتعرّف المزيد من الشباب السعودي على الصين، ويقتربوا منها، ويقعوا في حبّها، ونواصل ترسيخ أسس التفاهم المتبادل والتقارب الوجداني بين شعبي البلدين، بما يسهم في كتابة فصل جديد في مسيرة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والمملكة العربية السعودية.