中文  English
الصفحة الأولى > Rolling News Report
وزيرالخارجية الصيني ل"الشرق الأوسط":بلادنا أكبر شريك لـ10 دول شرق أوسطية
2017-03-16 13:57

أكد وانغ يي، وزير الخارجية الصيني، أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى بكين رسالة إيجابية إلى دول الشرق الأوسط والمجتمع الدولي، وتبين حرص بكين والرياض على تعزيز التعاون الاستراتيجي وتعميق الالتقاء التنموي وصيانة السلم الإقليمي وتكوين مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية.

وقال وزير الخارجية الصيني، في حوار لـ«الشرق الأوسط»، إن «زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الصين ستعزز الالتقاء بين الاستراتيجيات التنموية للبلدين وتعمق التعاون في إطار (الحزام والطريق)»، مشيرا إلى أن العلاقات الوثيقة والعميقة بين زعيمي البلدين على المستويين الرسمي والشخصي توفر قوة لا تنضب لمسيرة العلاقات الثنائية، مؤكدا أن الرياض تلعب دورا مهما وإيجابيا في صيانة وترسيخ السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة.

ووفق يي، فإن الرئيس الصيني شي جين بينغ سيعقد محادثات رسمية مع الملك سلمان، لتبادل وجهات النظر بشكل معمق حول العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك. كما سيلتقي خادم الحرمين الشريفين مع كل من رئيس مجلس الدولة لي كتش يانغ، ورئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب تشانغ دجيانغ، وسيحضر مراسم التوقيع لسلسلة من وثائق التعاون في مجالات الطاقة الإنتاجية والتجارة والفضاء والطاقة المتجددة والتربية والتعليم وغيرها.

وتابع أن الجانبين بصدد دفع مشاريع التعاون مثل المفاعل الحراري المبرد بالغاز وتحلية المياه المالحة والإسكان في ضاحية الأصفر ومنطقة جازان - الصين للتجمعات الصناعية وغيرها. وتبلورت بشكل أولي معادلة التعاون «1+2+3» التي تتخذ مجال الطاقة مثل المحور الرئيسي ومجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحين، وثلاثة مجالات ذات تكنولوجيا متقدمة وحديثة تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات المتجددة كنقاط الاختراق... فإلى تفاصيل الحوار:

* بداية، اسمح لنا أن نسألك كيف تقيمون العلاقات الصينية - السعودية؟

- حقيقة، رغم البعد الجغرافي بين الصين والسعودية، كونهما دولتين واقعتين في الطرفين الشرقي والغربي لقارة آسيا، غير أن التواصل الودي بين البلدين يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1990، شهدت العلاقات الصينية - السعودية تطورا مستمرا وصحيا، وأصبح كلا البلدين الشريك الاستراتيجي وفرصة التنمية المهمة للآخر. وفي هذا السياق، تتعزز الثقة السياسية المتبادلة والدعم المتبادل في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والهموم الكبرى للجانب الآخر، ويتعمق التعاون العملي والاندماج الاقتصادي باستمرار حتى يتقدم على التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط الأخرى، في كثير من المجالات، بدليل أن المملكة تبقى كأكبر مورد للنفط الخام للصين، على مدى 16 سنة متتالية بين عامي 2000 و2015، ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 42.36 مليار دولار في عام 2016، الأمر الذي يجعل المملكة قابعة كأكبر شريك تجاري للصين في منطقة غرب آسيا وأفريقيا، ويتكثف التواصل الثقافي والإنساني بين الجانبين، الأمر الذي يشكل نموذجا يحتذى به للتواصل والتنافع بين الثقافات والحضارات المختلفة. كان الجناح السعودي الملقب بـ«قارب القمر» يبهر معرض «إكسبو» الدولي بشنغهاي عام 2010، ويعد من أكثر الأجنحة الأجنبية إقبالا. كما يقام معرض «طريق الجزيرة العربية... روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» في المتحف الوطني الصيني. وسيتم تدشين فرع لمكتبة الملك عبد العزيز العامة في جامعة بكين قريبا.

لن يتحقق هذا التطور للعلاقات الصينية - السعودية من دون الدعم والعناية من قادة البلدين، خصوصا أن الرئيس شي جين بينغ قام بزيارة السعودية في يناير (كانون الثاني) عام 2016، حيث أقام البلدان علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وقرارا تشكيل اللجنة الصينية - السعودية المشتركة رفيعة المستوى، مما أدخل العلاقات الثنائية إلى مرحلة جديدة من التطور السريع. يزور الملك سلمان بن عبد العزيز الصين، وذلك ليساهم في تعزيز الالتقاء بين الاستراتيجيات التنموية للبلدين، وتعميق التعاون العملي بين الجانبين في إطار «الحزام والطريق». إن العلاقات الوثيقة والعميقة بين زعيمي البلدين على المستويين الرسمي والشخصي توفر قوة لا تنضب لمسيرة العلاقات الثنائية.

في الوقت الراهن، وفي ظل التغيرات العميقة التي تشهدها المعادلة السياسية والاقتصادية العالمية، يبرز الطابع الاستراتيجي والشمولي للعلاقات الصينية - السعودية بشكل أوضح. إذ يدعم كلا الجانبين إقامة النمط الجديد من العلاقات الدولية المتمحورة على التعاون والكسب المشترك، ويدافع بشدة عن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ويدعو كلا الجانبين إلى دفع العولمة الاقتصادية نحو اتجاه أكثر شمولا ونفعا وعدلا وإنصافا، ويدعو إلى تسريع التحول للتنمية الوطنية والارتقاء بمستواه عبر الترابط والتواصل والتعاون الدولي للطاقة الإنتاجية، ويعمل كلا الجانبين على حل القضايا الكونية والملفات الإقليمية الساخنة عبر التفاوض والحوار، استشرافا للمستقبل. إن العلاقات الصينية - السعودية مقبلة على آفاق أرحب وأجمل من أي وقت مضى.

* يزور خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز الصين وتعد أول زيارة لملك سعودي منذ نحو 10 سنوات، كيف تنظر بكين إلى هذه الزيارة، وما النتائج المتوقعة؟

- إن الملك سلمان بن عبد العزيز أول زعيم أجنبي يستقبله الجانب الصيني بعد «الاجتماعين السنويين» للمجلس الوطني لنواب الشعب والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني. تأتي هذه الزيارة باعتبارها أول زيارة لملك سعودي للصين منذ 11 عاما، ردا على زيارة الدولة التي قام بها الرئيس شي جين بينغ للمملكة في يناير عام 2016، فتكتسب أهمية كبرى في تعميق عرى الصداقة بين قادة البلدين وترسيخ الثقة الاستراتيجية المتبادلة وتعزيز التعاون الثنائي العملي في المجالات كافة.

يولي الجانب الصيني اهتماما بالغا بهذه الزيارة، إذ سيعقد الرئيس شي جين بينغ محادثات رسمية مع الملك سلمان، كما سيلتقي خادم الحرمين مع كل من رئيس مجلس الدولة لي كتش يانغ، ورئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب تشانغ دجيانغ، حيث سيتبادل قادة البلدين وجهات النظر بشكل معمق حول العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، ويحضرون مراسم التوقيع لسلسلة من وثائق التعاون في مجالات الطاقة الإنتاجية والتجارة والفضاء والطاقة المتجددة والتربية والتعليم وغيرها، بالإضافة إلى ذلك سيقيم الجانبان كثيرا من الفعاليات الثقافية والاقتصادية والتجارية خلال هذه الزيارة. أثق بأن هذه الجولة الجديدة من التفاعل بين زعيمي البلدين ستبعث برسالة إيجابية إلى دول الشرق الأوسط والمجتمع الدولي، تبين حرص الصين والمملكة على تعزيز التعاون الاستراتيجي، وتعميق الالتقاء التنموي، وصيانة السلم الإقليمي، وتكوين مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية.

* إلى أين وصل التعاون في بناء «الحزام والطريق» منذ زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للسعودية في يناير عام 2016، وكيف تقيمون دور المملكة في بناء «الحزام والطريق»؟

- إن مبادرة «الحزام والطريق» التي طرحها الرئيس شي جين بينغ لاقت تجاوبا حارا من المملكة وغيرها من دول غرب آسيا وشمال أفريقيا. خلال زيارة الرئيس شي جين بينغ للمملكة في يناير في العام الماضي، وقع البلدان على وثيقة التعاون بين الحكومتين بشأن التشارك في بناء «الحزام والطريق»، وفي المقابل، قامت المملكة خصيصا بإعداد خطة «طريق الحرير الغربي»، للالتقاء مع الجانب الصيني، وفي أغسطس (آب) الماضي ترأس نائب رئيس مجلس الدولة الصيني تشانغ قاولي والأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، أول اجتماع للجنة الصينية - السعودية المشتركة الرفيعة المستوى بصفتهما رئيسي الجانبين في بكين، وفقا للتوافق بين زعيمي البلدين، وذلك من أجل توجيه وتنسيق التعاون بين البلدين في جميع المجالات. في الوقت الراهن، إن الجانبين بصدد دفع مشاريع التعاون مثل المفاعل الحراري المبرد بالغاز وتحلية المياه المالحة والإسكان في ضاحية الأصفر ومنطقة جازان - الصين للتجمعات الصناعية وغيرها. وتبلورت بشكل أولي معادلة التعاون «1+2+3» التي تتخذ مجال الطاقة محورا رئيسيا، ومجالي البنية التحتية، وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحين، وثلاثة مجالات ذات تكنولوجيا متقدمة وحديثة تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات المتجددة كنقاط الاختراق. إضافة إلى ذلك، يوجد توافق تام بين الصين والمملكة في دفع التكامل الاقتصادي الإقليمي ورفع مستوى حرية التجارة، وتسعيان إلى تسريع وتيرة إنشاء منطقة للتجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي، والارتقاء بمستوى التعاون الصيني - السعودي، والتعاون الجماعي الصيني الخليجي إلى مستويات أعلى.

إن شبه الجزيرة العربية التي تقع فيها السعودية منطقة التقاء لطريقي الحرير البري والبحري منذ القدم. يكون معرض «طريق الجزيرة العربية... روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» المقام في المتحف الوطني الصيني تجسيدا حيا لمسيرة التواصل الصيني - السعودي، خصوصا التواصل عبر طريق الحرير القديم، وتعتبر الذكريات التاريخية والأيقونة الثقافية المشتركة للبلدين. رغم أن الدول المطلة على طريق الحرير مرت بتغيرات كبيرة على مر العصور، غير أن روح طريق الحرير المتمثلة في السلام والتعاون والانفتاح والتسامح والاستفادة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك تتطور وتتوارث حتى يومنا هذا، وتزداد حيويتها القوية باستمرار. في الوقت الراهن، في حين تعمل الصين على تنفيذ الخطة الخمسية الـ«13»، طرحت المملكة «رؤية 2030» و«برنامج التحول الوطني»، الأمر الذي يجعل الجانبين شريكين طبيعيين ومثاليين في بناء «الحزام والطريق»، إذ يمكن للمملكة أن تصبح حلقة مهمة تربط الأسواق الأفريقية الكبيرة. يتطلع الجانب الصيني إلى حصاد إنجازات وصداقة أكثر في التعاون مع المملكة في قضية بناء «الحزام والطريق» العظيمة، بما يحافظ على المصالح التنموية والأمنية للبلدين ولدول الشرق الأوسط.

* هل هناك رؤية وتعاون بين الرياض وبكين خصوصا فيما يتعلق بشؤون الشرق الأوسط والدور الإقليمي؟

- إن المملكة العربية السعودية، بصفتها دولة كبيرة في العالم العربي والإسلامي ومصدرا مهما للطاقة في العالم، تقوم بدور مهم في شؤون الشرق الأوسط، وتساهم مساهمة إيجابية في صيانة وترسيخ السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة.

ظلت الصين عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي، تهتم بالحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وتسعى لتعزيز التعاون مع دول المنطقة في مجال التنمية. في يناير عام 2016، قام الرئيس شي جين بينغ بزيارة تاريخية للشرق الأوسط، حيث قال إن الصين ستكون بانية للسلام في الشرق الأوسط، ودافعة لتنميتها ومساهمة لتطوير صناعتها وداعمة لتثبيت استقرارها وشريكة لتعزيز تفاهم الشعوب.

يقول العرب إن «تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن»، فتجب علينا مواكبة الرياح للإبحار إلى المستقبل. منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، أبقت الصين والمملكة على التنسيق الوثيق حول شؤون المنطقة، متجاوزتين جميع الاختبارات دون تضييع حلمها الأصلي. إن سر نجاح بلدين مختلفين من حيث الخلفيات الثقافية والأنظمة الاجتماعية في تحقيق ذلك يكمن في مواكبة قادة البلدين رياح متطلبات المنطقة للتنمية والاندماج في التعاون الدولي. وذلك يتمثل بالتحديد في النواحي التالية: أولا، اتخاذ تعزيز التعاون في مجال التنمية كأساس للمشاركة في شؤون الشرق الأوسط. إن المشكلات في الشرق الأوسط لا يمكن حلها إلا بالتنمية. في هذا السياق، ستعود نتائج الالتقاء بين «الحزام والطريق»، و«الرؤية 2030»، بالفوائد على البلدين، وستلهم التعاون الإقليمي، إذ إن فكرة تعزيز السلام خلال تحقيق التنمية تمثل المنتجات العامة البناءة التي نوفرها للمنطقة. ثانيا، التمسك بثبات بالحل السياسي للقضايا الساخنة، باعتباره التوجه العام. كلنا نرفض التدخل الخارجي، ونعتبر أن دول الشرق الأوسط أدرى بشؤون المنطقة، فلا بد من الأخذ بعين الاعتبار العوامل التاريخية والثقافية والدينية الخاصة لهذه المنطقة عند التعامل مع هذه القضايا، سعيا لإيجاد حلول شاملة ومنصفة ودائمة عبر الحوار والتشاور وغيرهما من الطرق السياسية. ثالثا، التعاون الجدي في مكافحة الإرهاب. إن الصين والمملكة كلتيهما تضررتا بالإرهاب وقدمتا تضحيات ضخمة في حملات مكافحة الإرهاب. كلانا يدعو المجتمع الدولي إلى توحيد جهود مكافحة الإرهاب ونبذ المعيار المزدوج، خصوصا عدم ربط الإرهاب ببلد أو عرق أو دين بعينه.

إن الصين لا تسعى لبسط نفوذها في الشرق الوسط، ولا تصطف إلى أي طرف، بل تدعو إلى تحقيق التنمية المشتركة وتقاسم ثمار التنمية على أساس المنفعة المتبادلة والكسب المشترك. يجمعنا ودول المنطقة هدف واحد، ألا وهو السلام في الشرق الأوسط من التمتع ببيئة أفضل وفرص أكثر في التعاون. إننا على استعداد لبذل جهود مشتركة ودؤوبة مع المملكة وغيرها من دول المنطقة لتحقيق الأمن والأمان الدائمين في الشرق الأوسط.

* كيف تنظرون إلى الوضع في سوريا، وما اقتراحات الجانب الصيني لتسوية المسألة السورية نهائيا؟

- لسوريا مساهمة لا يمكن تجاهلها في الحضارات الباهرة للشرق الأوسط القديمة، فمن الضروري أن تكون سوريا ضمن اللاعبين، ولا يمكن الاستغناء عنها في دوام الأمن والأمان في الشرق الأوسط الحديث. في الآونة الأخيرة، يزداد زخم التهدئة في سوريا، وتتجمع عناصر استعادة الاستقرار والأمان. غير أن الأزمة السورية لن تحل بين ليلة وضحاها، والأمر يتطلب مزيدا من الصبر، ومزيدا من الجهود مع بعض الأفكار المبدعة.

ظلت الصين داعمة ثابتة ومشاركة نشطة ودافعة بجدية لحل المسألة السورية سياسيا. في ظل الظروف الحالية، تبرز ثلاث نقاط مهمة للغاية لتحريك العملية السياسية في سوريا.

أولا: من الضروري بمكان التمسك بترجمة قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2254» على الأرض. تمثل العملية السياسية التي «يقودها ويملكها السوريون» المخرج الوحيد لحل الأزمة السورية. يجب على الأطراف المعنية إظهار مزيد من النية الصادقة والمرونة، وعلى المعارضة سرعة توحيد صفوفها وصوتها. كما يجب على الطرفين في سوريا تغليب مصير البلاد والمصالح الأساسية للشعب، وتقريب المسافة بينهما، والتوصل إلى حل يراعي هموم جميع الأطراف عبر الحوار.

ثانيا: من الضروري بمكان التمسك بإيجاد حل شامل. تتعلق المسألة السورية بخمسة مسارات مترابطة ومتكاملة، ألا وهي العملية السياسية ووقف إطلاق النار وأعمال العنف والمساعدات الإنسانية وتضافر الجهود لمكافحة الإرهاب وإعادة الإعمار ما بعد الحرب. يجب على الأمم المتحدة التوظيف الكامل لدورها التنسيقي وقيادة المجتمع الدولي، لإعطاء ذات الاهتمام لهذه المسارات ودفعها بخطوات متوازية وزيادة المساهمة فيها.

ثالثا: من الضروري بمكان التمسك بتهيئة ظروف خارجية منصفة وعادلة. ويجب على الأطراف المعنية خصوصا الدول التي لها نفوذ كبير على الأطراف السورية «إيصال الجمرات إلى الغرفة الباردة، وممارسة نفوذها على الطرفين في سوريا بشكل متوازن لتهيئة جو موات للتشاور والحوار، بدلا من صب الزيت على النار»، أو اتخاذ أي خطوة قد تشوش عملية الحوار والتفاوض.

يريد الشعب السوري السلام والمصالحة الوطنية وحسن الجوار، بدلا من النزاعات والفوضى والغالب والمغلوب والاحتقان والاستقطاب. يقول العرب إن هناك أربعة أشياء إذا ذهبت لا تعود، وهي: الكلمة إذا انطلقت، والسهم إذا رمي، والزمن إذا مضى، والفرصة إذا ضاعت. والآن تقرع فرصة الحل السياسي للمسألة السورية على الباب، وذلك لم يأت بسهولة. إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع جميع الأطراف على اغتنام الفرصة، وفتح الباب على مصراعيه لاستعادة نور السلام إلى ربوع سوريا.

* إلى أي مدى الاهتمام الصيني بمنطقة الشرق الأوسط، وكيف تنظرون إلى حاضر المنطقة ومستقبلها؟

- ظلت منطقة الشرق الأوسط تحتل مكانة مهمة في خريطة الدبلوماسية الصينية. وظلت الصين كأكبر دولة نامية تعتبر تطوير علاقات الصداقة والتعاون مع دول الشرق الأوسط اتجاها ذات أولوية في دبلوماسيتها. لم تبتعد الصين يوما عن الشرق الأوسط، ولم تهملها يوما، إذ سجل التاريخ بوضوح التواصل الودي الصيني - العربي، سواء أكانت رحلة الموفد الصيني تشانغ تشيان إلى غرب الصين في عهد أسرة هان الملكية، أم رحلة الرحالة العربي ابن بطوطة إلى الصين في أسرة يوان الملكية، ناهيك بطريق الحرير المعروف عالميا، باعتباره الذاكرة المشتركة والميراث الغالي الذي أهداه التاريخ إلى الشعب الصيني والشعوب العربية.

بالنسبة للصين، دول الشرق الأوسط لاعبة مهمة لصيانة المصالح المشتركة للدول النامية، والدفع ببناء نظام دولي عادل ومعقول فحسب، بل أيضا شريكة طبيعية للتشارك في بناء «الحزام والطريق»، والالتقاء بين الاستراتيجيات التنموية وتعميق التعاون العملي. قد أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لعشر دول في منطقة الشرق الأوسط، ويأتي أكثر من نصف الواردات النفطية الصينية من الشرق الأوسط. في الوقت نفسه، تكون الشرق الأوسط أهم الأسواق لمقاولة المشاريع والاستثمار الخارجي للصين. إن الصين بصفتها دولة كبيرة تدعم القضايا العادلة للأمة العربية منذ البداية، وتتطابق مصلحتها في الشرق الأوسط مع مصلحة دول المنطقة، ألا وهي إحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط في أسرع وقت ممكن، والعمل على تعزيز تنميتها ونهضتها.

تمر الشرق الأوسط حاليا بالتغيرات والتعديلات، ويكتنفها كثير من عوامل غير مؤكدة وغير مستقرة. زرت الشرق الأوسط مرات كثيرة، وأشاطر دول المنطقة وشعوبها معاناتهم، وينتابني القلق من احتدام الخلافات والنزاعات في المنطقة، وتأجيج القضايا الساخنة وامتداد ظاهرة الإرهاب. كثرت الأسباب التي تجر المنطقة إلى مستنقع الفوضى، غير أنه لا يوجد إلا مفتاح واحد لفك المعضلات، ألا وهو التمسك بالطريق السياسي لإيجاد حل ومخرج يتفق مع واقع المنطقة ويراعي مصالح جميع الأطراف. إن الشرق الأوسط ملك لشعوبها، فيتعين على المجتمع الدولي ألا يقف مكتوف الأيدي، ولا يحل محل أصحاب الشأن، بل يجب احترام خيارات دول المنطقة وشعوبها.

إلى أين تذهب الشرق الأوسط في المستقبل؟ قد أجاب الرئيس شي جين بينغ عن هذا التساؤل، أي يكمن مخرج المنطقة في التنمية، لأن شجرة السلام لا تنمو في أرض فقيرة. فيجب على المجتمع الدولي أن يهتم أكثر ويتحرك أكثر لتحقيق التنمية بالمنطقة، بالتزامن مع جهوده الرامية إلى حل القضايا الإقليمية الساخنة سياسيا. إن الصين باعتبارها صديقا قديما لدول الشرق الأوسط ليست بانية للسلام بالمنطقة فحسب، بل دافعة لتنميتها أيضا. سننتهز فرصة التشارك في بناء «الحزام والطريق»، لدفع التعاون العملي مع الدول المعنية في مجالات الطاقة والبنية التحتية والابتكار التكنولوجي وغيرها، ودفع عملية التصنيع في الشرق الأوسط، بما يساعد المنطقة على مواكبة تيار التنمية العالمية بشكل أفضل وأسرع، ويحقق دوام الأمن والأمان في المنطقة بفكرة تعزيز السلام من خلال تحقيق التنمية.

* في ظل الإدارة الأميركية الجديدة، كيف تنظرون إلى وضع العلاقات الصينية الأميركية، وما تطلعاتكم إلى مستقبل هذه العلاقات؟

- منذ انتخاب وتنصيب الرئيس دونالد ترمب، شهدت العلاقات الصينية الأميركية انتقالا متزنا وتطورا نحو اتجاه إيجابي، وذلك بفضل التنسيق الوثيق والجهود المشتركة من الجانبين، خصوصا أن الرئيس شي جين بينغ أجرى مكالمة هاتفية مهمة مع الرئيس دونالد ترمب في الشهر الماضي، حيث توصل الرئيسان إلى توافق مهم بشأن تحقيق تطور أكبر للعلاقات الصينية الأميركية من نقطة انطلاق جديدة، ووجه كل منهما الدعوة للجانب الآخر لزيارة بلده، الأمر الذي يحدد اتجاه هذه العلاقات في المرحلة المقبلة، ويضفي حيوية فيها.

لا داعي لتوضيح أهمية العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، باعتبارها علاقة بين عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي وبين أكبر دولة نامية وأكبر دولة متقدمة في العالم. إن حسن صيانة وتطوير العلاقات الصينية – الأميركية لأمر يخدم مصلحة الشعبين، ويتفق مع التطلعات العامة للمجتمع الدولي. منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل 38 عاما، قطعت هذه العلاقات الثنائية أشواطا بعيدة، وأحرز التعاون العملي بين البلدين نتائج مثمرة في جميع المجالات، وقام البلدان بالتنسيق والتعاون الوثيق والفعال حول الملف النووي في شبه الجزيرة الكورية، وملف إيران النووي وقضايا الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب وحفظ السلام وغيرها من القضايا الدولية والإقليمية والكونية المهمة. تدل الحقائق على أن الصين والولايات المتحدة تجمعهما مصلحة مشتركة متزايدة، والحاجة التي تربط بين الجانبين في التعاون أكبر بكثير من الخلافات التي تفصل بينهما، فالعلاقات بين البلدين تقوم على أساس مادي وافر ودعم شعبي متين وديناميكية ذاتية قوية.

استشرافا للمستقبل، يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب الأميركي على الالتزام بالتوافق بين رئيسي البلدين، وتجاوز اختلاف النظم الاجتماعية ونبذ عقلية المعادلة الصفرية التقليدية، والتمسك بمبادئ عدم المنازعة والمجابهة والاحترام المتبادل والتعاون والكسب المشترك، وتعزيز التواصل وإدارة الخلافات والسيطرة عليها، وتوسيع رقعة التعاون، ومواصلة تكبير كعكة المصلحة المشتركة، ودفع العلاقات الثنائية إلى الأمام في طريق صحيح مستقر، بما يخدم مصلحة الشعبين وشعوب العالم بشكل أكبر وأفضل.

المصدر:جريدة الشرق الأوسط

إلى الأصدقاء:   
طباعة الصفحة