中文  English
الصفحة الأولى > آخر الأخبار
مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي يتلقى مقابلة مع جريدة الشرق الأوسط
2019-02-22 16:56

تلقى مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي مقابلة مع جريدة الشرق الأوسط حول زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس الوزراء وزير الدفاع للمملكة العربية السعودية للثين والدورة الثالثة لاجتماع اللجنة الصينية السعودية المشتركة رفيعة المستوى. ونص المقابلة كما يلي

ما تقييم معاليكم لمستوى العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية على المستوى الثنائي، وخاصة التقدم في التعاون في البناء المشترك لـ"الحزام والطريق؟ ما دلالات زيارة ولي العهد السعودي لجمهورية الصين الشعبية في هذا الزمن بالتحديد؟

تضرب الصداقة الصينية السعودية بجذورها في أعماق التاريخ. منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1990، شهدت العلاقات الثنائية تطورا سريعا، حيث تعززت الثقة السياسية المتبادلة باستمرار وتبادل الجانبان الدعم الثابت في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والهموم الكبرى للجانب الآخر. في السنوات الأخيرة، تكثفت التبادلات الرفيعة المستوى بين الصين والمملكة، إذ حقق الرئيس شي جينبينغ والملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الزيارة المتبادلة، وأقام البلدان علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وتم تشكيل اللجنة المشتركة الرفيعة المستوى، الأمر الذي يرشد بقوة التعاون بين البلدين في كافة المجالات على نحو معمق، ويدفع العلاقات الثنائية لأن تتطور بزخم أقوى.

حقق التعاون العملي بين البلدين نتائج مثمرة خلال المواءمة المستمرة والمتعمقة بين مبادرة "الحزام والطريق" و"رؤية 2030" السعودية. في هذا السياق، بلغ حجم التبادل التجاري 63.33 مليار دولار في عام 2018، وأصبحت المملكة أكبر شريك تجاري للصين في منطقة غرب آسيا وإفريقيا لـ18 سنة متتالية. كما وضع الجانبان بشكل مشترك الدفعة الأولى من المشاريع ذات الأولوية للتعاون في الطاقة الإنتاجية والاستثمار بقيمة إجمالية تبلغ 55 مليار دولار، وتقدمت بخطوات متزنة أعمال البناء للتجمع الصناعي الصيني السعودي بمدينة جازان، وتم تدشين المشروع الاستثماري الأول في التجمع قبل فترة، وهو مشروع بان آسيا للتبروكيماويات الذي يتجاوز الاستثمار فيه 3.2 مليار دولار. كما يجري التعاون في مصفاة ينبع بالسعودية ومصفاة بانجين بمقاطعة لياونينغ ومحطة رابغ للكهرباء ومشروع الجسر البري للسكة الحديدية وغيرها من مشاريع الطاقة والبنية التحتية الكبيرة بخطوات حثيثة. حقق التعاون في التكنولوجيا الحديثة والمتقدمة نتائج ملحوظة، حيث أطلقت وحدات التصوير السعودية على متن القمر الاصطناعي الصيني في العام الماضي، مما شكل المحاولة الأولى والناجحة للدول العربية في استكشاف القمر، كما تم إطلاق قمرين اصطناعيين سعوديين التصميم من قبل صاروخ لونغ مارش الصيني. وتتكثف التبادلات الشعبية بين الصين والمملكة، في مقدمتها معرض "طريق الجزيرة العربية... روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور" بحضور زعيمي البلدين و"معرض كنوز الصين" المقام في السعودية، والتنقيب المشترك في موقع السرين الأثري الذي اكتشف آثارا لطريق الحرير البحري، وأداء الفرقة السيمفونية الصينية والموسيقيين الصينيين في مدينة العلا التي تعتبر التراث الثقافي العالمي بالمملكة، يعد المذكور أعلاه نموذجا حيا للتواصل والاستفادة المتبادلة بين مختلف الحضارات.

في ظل الأوضاع الدولية والإقليمية المعقدة، تكتسب هذه الزيارة لولي العهد محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أهمية كبيرة في ترسيخ الثقة الاستراتيجية المتبادلة وتعزيز التعاون العملي بين البلدين في كافة المجالات وصيانة السلام والاستقرار في المنطقة. يولي الجانب الصيني اهتماما بالغا لهذه الزيارة، فيعدّ لها ترتيبات عالية المستوى، حيث سيلتقي الرئيس شي جينبينغ خصيصا بسمو ولي العهد، وسيترأس نائب رئيس مجلس الدولة هان تشنغ مع سموه الدورة الثالثة للجنة الصينية السعودية المشتركة الرفيعة المستوى، وسيوقع الجانبان على سلسلة من وثائق التعاون العملي في مجالات الطاقة الإنتاجية والتجارة والطاقة والنقل البحري وغيرها. نثق بأن هذه الزيارة ستحقق سلسلة من النتائج المثمرة، بما يثري مقومات علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين ويعود بمزيد من الفوائد الملموسة على البلدين والشعبين.

 

 ما تقييم معاليكم للدورة السعودي في استقرار المنطقة سياسيا وأمنيا؟

إن المملكة العربية السعودية، بصفتها دولة كبيرة في العالم العربي والإسلامي ومصدرا مهما للطاقة في العالم والعضو العربي الوحيد في مجموعة العشرين، تقوم بدور فريد في شؤون الشرق الأوسط، وتساهم مساهمة إيجابية في صيانة الأمن والاستقرار وتعزيز التنمية المشتركة في المنطقة.

سياسيا، تنتهج المملكة السياسة الخارجية المستقلة وتدعو إلى الاحترام المتبادل والتعايش السلمي بين الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعامل مع الآخرين بالود والمساهمة في تسوية القضايا الإقليمية الساخنة، خاصة في قضية فلسطين، ما زالت "مبادرة السلام العربية"، التي طرحتها السعودية قبل الآخرين، حجر الأساس لتصحيح الظلم التاريخي وحل هذه القضية الجذرية في الشرق الأوسط بشكل شامل ودائم. اقتصاديا، تعمل المملكة، بصفتها منتجا رئيسيا للنفط في العالم وأكبر اقتصاد في العالم العربي، على تنويع اقتصادها، حيث طرحت "رؤية 2030" و"برنامج التحول الوطني 2020"، سعيا لتحقيق التنمية المستدامة للمملكة وتحريك النهضة الاقتصادية الخليجية. أمنيا، تدعو المملكة إلى التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب والقوى المتطرفة، وأنشأت أول مركز للمناصحة والرعاية في العالم لنزع التطرف. ثقافيا، تدعو المملكة، كالمهد لدين الإسلام، تدعو إلى الحوار بين الحضارات والتواصل بين الثقافات، وطرحت العودة إلى "الإسلام المعتدل"، وتقوم بإقامة ملتقيات للحوار بين الأديان والحضارات، مما عزز الفهم المتبادل والتعاون بين مختلف الحضارات.

ظلت الصين تهتم بدور المملكة في الشؤون الإقليمية والدولية وتنظر إليها بالنظرة الاستراتيجية والشاملة، وتدعم بثبات جهود المملكة في صيانة سيادة الوطن وأمنه واستقراره، وتدعم بثبات دورها الإيجابي والبناء في التغيرات التي تشهدها المنطقة، وتدعم بثبات قيامها بتطوير علاقات الصداقة والتعاون مع دول المنطقة، وتدعم بثبات بمساهمتها الأكبر في صيانة السلام والاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط والخليج.

 

 كيف تنظرون إلى جهد السعودية في مكافحة الإرهاب ونبذ التطرف؟ كيف التعاون بين الصين والسعودية في هذا المجال؟

في السنين العديدة الماضية، نجحت المملكة في استكشاف الإجراءات المميزة لمكافحة الإرهاب ونزع التطرف وفقا لظروفها الوطنية وواقع المنطقة، الأمر الذي لعب دورا مهما في صيانة الأمن القومي واستقرار المنطقة. في مجال مكافحة الإرهاب، عززت المملكة جهودها لضرب التنظيمات الإرهابية واتخذت إجراءات عديدة لتجفيف المنابع المالية للإرهاب، كما شاركت بنشاط في التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، وعملت على تمويل مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب. في مجال نزع التطرف، تندد المملكة بالمتطرفين الذين يفسرون دين الإسلام بشكل خاطئ وتشجّع على تكريس التسامح الديني وتنشئ مراكز المناصحة للأفراد المتأثرين بالأفكار المتطرفة في أماكن عدة لتوعيتهم وإرشادهم.

إن كلا من الصين والمملكة من ضحايا الإرهاب وجزء مهم للتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، فيربطهما توافق كثير في مكافحة الإرهاب ونزع التطرف، على سبيل المثال، كلنا ندعو إلى تعزيز الحوار بين الحضارات ونرفض ربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه؛ كلنا نلتزم بإجراءات متكاملة لمكافحة الإرهاب من ظواهره وبواطنه في آن واحد، ونرفض اتخاذ المعايير المزدوجة؛ كلنا نرى ضرورة الإصغاء الأكثر إلى صوت الدول المتضررة بالإرهاب مع التمسك بدور الأمم المتحدة كالقناة الرئيسية في التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب. في الوقت الراهن، ما زال وضع خطيرا لمكافحة الإرهاب ونزع التطرف على المستويين الدولي والإقليمي. يحرص الجانب الصيني على تعزيز التعاون مع المملكة في تكثيف الحوار السياسي وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون التقني وتدريب الأفراد وتجفيف المنابع المالية للإرهاب ومكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود وتبادل الخبرات حول نزع التطرف، بما يصون الأمن المشترك.

ظلت الصين تواجه تحديات خطيرة في قضية مكافحة الإرهاب ونزع التطرف. منذ تسعينيات القرن الماضي، قامت الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية وغيرها من القوى الإرهابية بتدبير وتنفيذ آلاف من الأحداث الإرهابية في شينجيانغ، بما فيه التفجير والاغتيال والتسميم وإضرام النار والهجمات، الأمر الذي أوقع خسائر بشرية ومادية فادحة لأبناء شعب شينجيانغ من كافة القوميات ومس بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية في شينجيانغ بشكل خطير. إن الصين، بالتوازي مع تشديد الجهود لضرب المنظمات الإرهابية، قامت بالاستفادة الكاملة للتجارب الدولية في مكافحة الإرهاب ونزع التطرف، بما فيه التجارب السعودية، وأنشأنا مراكز التعليم والتدريب المهني في شينجيانغ وفقا للقانون، وذلك بهدف إزالة تأثير الأفكار المتطرفة. إنه خطوة مبتكرة ووقائية لمكافحة الإرهاب ونزع التطرف وتجربة مفيدة في إطار القضية الدولية لمكافحة الإرهاب، وهي في طبيعتها تتفق مع جهود المملكة في مكافحة الإرهاب ونزع التطرف. إن الإجراءات المعنية لا تستهدف أي عرق أو دين بعينه، وتلتزم بالإجراءات القانونية بشكل صارم، وتضمن حقوق المواطنين بشكل كامل. بفضل الإجراءات المتكاملة المذكورة، يتحسن وضع الأمن الاجتماعي في شينجيانغ بشكل ملحوظ، ولم تشهد المنطقة أي حادث إرهابي منذ سنتين ونيف، وتزداد الشعور بالأمان لدى أبناء الشعب المحلي بشكل ملحوظ. وحظيت هذه الإجراءات بالترحيب والتأييد من أبناء الشعب من كافة القوميات، بمن فيهم المسلمين المحليين.

 

 كيف تعزز الصين والمملكة التنسيق والتعاون في الشؤون الدولية، من أجل السلام والتنمية في العالم؟

تربط بين الصين والسعودية علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة، ويبقى البلدان على التنسيق والتعاون المتميز في الشؤون الدولية والإقليمية الهامة منذ وقت طويل.

إننا شريكان حميمان في الدفع بإقامة نوع جديد من العلاقات الدولية. يرى الجانبان ضرورة المساواة بين كافة الدول واحترام سيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها، واحترام المصالح الجوهرية والهموم الكبرى للجانب الآخر وحق شعوب الدول في اختيار النظم الاجتماعية والطرق التنموية بإرادتها المستقلة. كما قام الجانبان بالتنسيق والتعاون الوثيقين في الأمم المتحدة وغيرها من المحافل المتعددة الأطراف، وتدعوان إلى زيادة التمثيل والصوت للدول النامية خلال إصلاح مجلس الأمن الدولي، ويرفضان تسييس قضية حقوق الإنسان والمعايير المزدوجة، حفاظا على المصلحة المشتركة للدول النامية.

إننا شريكان حميمان في الدفع ببناء الاقتصاد العالمي المنفتح. يدعم الجانبان الحفاظ على المنظومة التجارية المتعددة الأطراف القائمة على الانفتاح والشفافية والاستيعاب وعدم التمييز، ويرفضان الأحادية والحمائية التجارية. يعمل الجانبان على دفع المفاوضات بشأن منطقة التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، بما يحمي التجارة الحرة ويعود بالخير على شعوب الجانبين. يدعم الجانب الصيني تولي المملكة رئاسة مجموعة العشرين في عام 2020، وستعقد قمة مجموعة العشرين للمرة الأولى في الدول العربية. نثق بأن المملكة ستجعل هذه القمة حدثا عظيما يلتزم بالتعددية ويدعو إلى روح الشراكة ويقود التطور المبتكر ويدفع التنمية الشاملة، بما يحدد الاتجاه للحوكمة الاقتصادية العالمية.

إننا شريكان حميمان في تعزيز السلام والتنمية في المنطقة. يرى الجانبان أن تحقيق الاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط يخدم مصلحة شعوب المنطقة وحتى العالم كله. فيجب التمسك بدون زعزعة بالحل السياسي للقضايا الساخنة في المنطقة كالاتجاه العام، وإيجاد حل شامل وعادل ودائم عن الطرق السياسية ومن خلال الحوار والتشاور، مع المراعاة للخصوصيات التاريخية والثقافية والدينية للمنطقة. في نفس الوقت، إن التنمية مفتاح لحل الكثير من مشاكل الحوكمة في الشرق الأوسط. يحرص الجانب الصيني على مواصلة تعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية مع السعودية ودول المنطقة الأخرى والدفع بإنجاز التعاون في إطار "الحزام والطريق" بجودة عالية وتحقيق التلاحم والتنافع بين مختلفة الدول، بما يعود بالخير على الشعبين وشعوب الدول المطلة على الخط.

في الوقت الراهن، وفي ظل التغير العميق للوضع السياسي والاقتصادي في العالم، يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب السعودي على تقديم مساهمات أكبر في تعزيز السلام والاستقرار والتنمية والازدهار في المنطقة والعالم وبذل جهود مشتركة في تحقيق الهدف المشترك المتمثل في بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية.

 

 ما دور جمهورية الصين الشعبية في بسط الأمن والسلام ودفع المفاوضات لأزمات المنطقة كاليمن وليبيا؟

إن السلام والأمن في الشرق الأوسط أمر لا يتعلق بالمصالح الجذرية لدول المنطقة فحسب، بل بالاستقرار والتنمية في العالم كله. من الصعب بسط أمن في العالم بدون الاستقرار في الشرق الأوسط. ظلت الصين، كعضو دائم لمجلس الأمن الدولي، تتابع باهتمام كبير وضع السلم والأمن في الشرق الأوسط، وظلت تتمسك بالمواقف العادلة والموضوعية، وتدعو إلى تكريس مفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام في الشرق الأوسط، وتتعاون مع دول المنطقة بشكل وثيق، مما قدم المساهمة المطلوبة لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.

تعمل الصين على الخوض في تجربة ذات خصائصها لحل القضايا الساخنة، وتبذل جهودا سلمية لدى مختلف الأطراف وتلعب دورا إيجابيا وبناء في دفع الحل السياسي للقضايا الساخنة في الشرق الأوسط. في القضية الفلسطينية، ظلت الصين تدعم بكل ثبات قضية الشعب الفلسطيني الوطنية. في هذا السياق، لاقى ما طرحه الرئيس شي جينبينغ من "رؤية ذات أربع نقاط" لتسوية القضية الفلسطينية تجاوبا حارا في المنطقة، وفي الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي المنعقدة في العام الماضي، أكد الرئيس شي جينبينغ مجددا وبكل وضوح على الدعم للقضية الفلسطينية العادلة والدعم الثابت لإخراج مفاوضات السلام بين فلسطين وإسرائيل من الجمود في أسرع وقت ممكن على أساس "حل الدولتين" و"مبادرة السلام العربية". في ملف جنوب السودان، تدعم الصين كالمعتاد عملية السلام في البلد وإعطاء الأولوية إلى مساعدة البلد لتحقيق الاستقرار والتنمية. حول ليبيا واليمن وغيرهما من الملفات الساخنة، ظلت الصين تعمل مع المجتمع الدولي على المساهمة بالطاقة الإيجابية لحل هذه الملفات في يوم مبكر.

تضطلع الصين بمهام حفظ السلام في لبنان وجنوب السودان ودارفور والصحراء الغربية، وبعثت 27023 فردا لحفظ السلام وأسهمت إسهاما جليلا في استعادة السلم والاستقرار في الدول والمناطق المعنية وحماية سلامة أبناء الشعوب المحلية وممتلكاتهم، وأضحى 13 جنديا صينيا بحياته من أجل قضية السلام في الشرق الأوسط. إضافة إلى ذلك، ساعدت الصين الكويت والعراق ولبنان واليمن والصومال وغيرها من الدول على إزالة الألغام، الأمر الذي يصبح نموذجا ناجحا للتعاون الأمني بين الصين ودول المنطقة.

يؤدي أسطول السلاح البحري الصيني مهام حراسة الملاحة في خليج عدن، حيث قام بحراسة أكثر من 6600 سفينة في خليج عدن ومياه قبالة الصومال، كما قام بإنقاذ وتسليم وإغاثة أكثر من 70 سفينة متعرضة للأخطار، مما حظي بتقدير عال من المجتمع الدولي.

كما تقدم الصين كمية كبيرة من المساعدات الإنسانية للاجئين من الدول المعنية للحفاظ على أملهم في السلام وإعادة إعمار ديارهم على الرغم من النزاعات والاضطرابات. أعلن الرئيس شي جينبينغ في الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي عن تقديم مساعدات جديدة بقيمة 700 مليون يوان الصيني إلى فلسطين وسورية واليمن والأردن ولبنان؛ كما بحثنا مع الجانب العربي في تنفيذ مشروع التعاون في حفظ الاستقرار بقيمة مليار يوان صيني؛ وإنشاء "البرنامج الخاص لتحريك إعادة الإعمار الاقتصادي من خلال التنمية الصناعية" وتقديم في إطاره 20 مليار دولار أمريكي من القروض لتعزيز التعاون مع الدول التي تحتاج إلى إعادة الإعمار. حظيت كل هذه الإجراءات الملموسة بترحيب حار لدى شعوب دول المنطقة.

يمكن القول، يقف الصين دائما إلى جانب الحق في حفظ السلم والأمن في المنطقة، وهي أيضا قوة داعمة للسلام. في الوقت الحالي، لا يزال الوضع في الشرق الأوسط يمر بتغيرات معقدة، ويواجه تحديات أمنية مختلفة. فستعمل الصين على تعزيز التواصل والتنسيق مع دول المنطقة وتبذل جهودا دؤوبة لتحقيق الأمن والأمان الدائمين والازدهار والتنمية في الشرق الأوسط.

 

 ما رؤيتكم وتقييمكم للوضع السوري وأسباب تعقيده وإمكانية الحل السياسي واقتراحاتكم لإنهاء الصراع في سوريا؟

في الآونة الأخيرة، شهدت الأوضاع في سورية تطورات مهمة. أحرزت عملية مكافحة الإرهاب نتائج مهمة، وتحسنت الأوضاع الأمنية بشكل ملحوظ، وتحسنت الأوضاع الإنسانية. ويتصاعد زخم الحل السياسي للمسألة السورية. بفضل جهود المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى سورية، حققت جهود تشكيل اللجنة الدستورية السورية تقدما كبيرا، حيث توصلت الأطراف المختلفة إلى بعض التوافق حول قائمة التشكيلة، الأمر الذي أرسى أساسا لدفع العملية السياسية في المرحلة القادمة.

إن الدفع بالتسوية السليمة للمسألة السورية في يوم مبكر أمر لا يتعلق بالاستقرار والتنمية لسورية ورفاهية شعبها فحسب، بل يرتبط بالسلام والاستقرار والأمن والأمان الدائمين في المنطقة. ظل الجانب الصيني يرى أن الحل السياسي يمثل المخرج الواقعي الوحيد للمسألة السورية، ويجب صيانة واحترام سيادة سورية واستقلالها وسلامة أراضيها، ويجب أن يقرر الشعب السوري مستقبل سورية بإرادته المستقلة.

لاحظنا أنه كلما نُفذت هذه المبادئ بشكل جيد، تقدمت عملية التسوية بشكل سلس، وإذا لم تُنفذ، شهدت العملية التعثر وحتى التراجع. يدعم الجانب الصيني توظيف دور الأمم المتحدة كالقناة الرئيسية للوساطة، يقوم بطرح "الرؤية الصينية" عدة مرات وإرسال المبعوث الخاص للقيام بالزيارات المكوكية من أجل النصح بالتصالح والحث على التفاوض، ويدعو كافة الأطراف السورية المعنية إلى الدفع بالعملية السياسية في أسرع وقت ممكن من خلال الحوار السياسي شامل، وإيجاد حل يتناسب مع الواقع في سورية ويراعي هموم كافة الأطراف، كما يجب على المجتمع الدولي انتهاز الفرصة وبذل جهود مشتركة لتهئية بيئة خارجية مواتية لحل المسألة السورية.

إن الجانب الصيني على استعداد للعمل سويا مع المجتمع الدولي على مواصلة الدور الإيجابي والبناء للدفع بحل المسألة السورية بشكل سليم في يوم مبكر

.

    حققت الصين إنجازات بالغة منذ تأسيسها قبل 70 عاما. إلى أي مدى أن تستفيد الدول النامية من خبرات الصين الناجحة؟ وما دلالاتها على المستوى العالمي؟

يكمن أبرز خبرات الصين الجديدة منذ تأسيسها قبل 70 عاما في إيجاد طريق تنموي يتماشى تماما مع ظروفها الوطنية ويحظى بدعم جميع أبناء الشعب، وهو طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية. وجدنا هذا الطريق خلال النضال الشاق لأكثر من 90 عاما الذي خاض فيه الشعب الصيني في الثورة الاجتماعية العظيمة بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، وخلال الاستكشافات المستمرة منذ تأسيس الصين الجديدة قبل 70 عاما وخلال التجارب العظيمة منذ تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح قبل 40 عاما.

أثبتت حقائق التنمية في الصين أن هناك أكثر من طريق يؤدي إلى التحديث، كما يقول المثل "كل الطرق تؤدي إلى روما"، كما لا يوجد في العالم نمط تنموي يتناسب مع كافة الدول. لا يمكن إيجاد الطريق التنموي الصحيح إلا بالعقول الحرة والموضوعية والانطلاق من الظروف الواقعية وتجسيد إرادة أبناء الشعب وتلبية متطلبات البلد وتطورات العصر. إن نجاح الصين في التنمية ساهم في توسيع السبل المتاحة للدول النامية لتحقيق التحديث، ووفر خيارا جديدا للدول التي تعمل على استكشاف طريق تنموي يتناسب مع ظروفها.

إن الصين دولة كبيرة يقارب عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، فتنميتها ونهضتها هو بالذات مساهمة كبيرة لقضية التنمية البشرية. لن تقوم الصين، كدولة كبيرة ومسؤولة بتصدير نظامها الاجتماعي، بل تدعم بثبات المملكة وغيرها من دول العالم لاختيار الطرق التنموية بإرادتها المستقلة، مستعدة لتبادل الخبرات معها في الحكم والإدارة والمساهمة بالحكمة الصينية والحلول الصينية لحل القضايا البشرية.

إلى الأصدقاء:   
طباعة الصفحة