中文  English
الصفحة الأولى > الموضوعات > زيارة فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية السيد شي جين بينغ للمملكة العربية السعودية عام 2016
طريقان ربطا بلاد العرب بالصين سياسيا
2016-01-27 14:23
 

تأسست العلاقات السياسية بين الصين والعرب في عهد الخلافة الإسلامية الراشدة، حين كانت الصين تعيش فترة ازدهار تحت حكم سلالة تانج، وشبه الجزيرة العربية تعيش فترة نهوض. كانت الاتصالات التجارية آنذاك مزدهرة والتبادلات الثقافية نشطة بين الطرفين. أما في السنوات الأخيرة الماضية فقد شهدت العلاقات الصينية العربية توسعا مستمرا في مجال التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي والتعليم، وتعتبر الدول العربية المصدر الرئيسي للنفط الصيني المستورد، كما أنها تشكل سوقا كبيرة للصادرات الصينية.

عرف الصينيون العرب منذ زمن بعيد، ففي عهد أسرة خان كانوا يسمون العرب "تياو جي" جاءت من لفظ TAJIK وهي اسم عشيرة عربية في الشمال. وتعتبر "طريق الحرير" و"طريق العطور" طريقين رئيسين يربطان الصين والوطن العربي بعضهما بعضا.

يبدأ طريق الحرير بغرب النهر الأصفر، ثم يخرج نقطة انتهاء سور الصين العظيم، ويسير غربا في وسط آسيا الوسطى ويخترق بلاد فارس ليصل إلى العراق وسورية. فكميات كبيرة جدا من حرير القز والمنتجات الحريرية وغيرها من البضائع الصينية كانت تنقل إلى البلدان العربية وحتى إلى المناطق الغربية الأبعد منها عبر هذا الطريق. أما طريق العطور أو ما يسمى "طريق الفخار" و"طريق الحرير البحري"، فينطلق من الخطوط البحرية الجنوبية ثم يمر بمضيق ملقا وسريلانكا وبأقصى جنوب شبه الجزيرة الهندية حتى يصل إلى الخليج العربي أو البحر الأحمر، فكميات كبيرة جدا من منتجات الخزف والفخار وأصناف عديدة من حرير القز والستان والقطن غيرها من البضائع الصينية كانت تنقل إلى البلدان العربية ومناطق أخرى عبر هذا الطريق البحري.

وصلت السفن الصينية إلى الخليج العربي في عصر أسرة تانج، بينما وصلت ميناء عدن اليمني وزنجبار شرقي إفريقيا في عصر أسرة سونج. أما السفن التجارية العربية فقد سلكت طريق العطور أيضا للوصول إلى الموانئ الصينية. ففي ذلك الوقت كانت حركة التجار على الجمال لا تنقطع على طول "طريق الحرير" البري، بينما حركة السفن التجارية على "طريق الحرير البحري" مزدهرة جدا. هذان الشريانان الكبيران ربطا الصين بالعالم العربي، وهما اللذان سهلا الاتصالات التجارية والتبادلات الثقافية بين الجانبين.

العلاقات الدبلوماسية والتجارية تاريخيا

ومع تأسيس الدولة الإسلامية العربية، وتطور التبادلات الخارجية في أواسط القرن السابع، تكثفت العلاقات الصينية العربية. ففي السنة الثانية من عهد الإمبراطور يونج خوي عام 651، أوفد الخليفة الثالث عثمان بن عفان مبعوثا رسميا إلى تشانج آن عاصمة أسرة تانج، فمنذ ذلك التاريخ وحتى عهد الإمبراطور تانج يوان كان العرب قد أوفدوا 37 مبعوثا دبلوماسيا للصين. بينما وصل عدد المبعوثين العرب للصين في عهد أسرة سونج إلى 39 مبعوثا.

أما أحوال المبعوثين الدبلوماسيين العرب للصين فقد وردت بشكل واضح في "سلسلة التواريخ"، النسخة الصينية المترجمة بعنوان "رحلات سليمان إلى الشرق" و"الكامل في التاريخ" وغيرهما من السجلات والكتب العربية. كما وردت أيضا في "مجلد تانج القديمة" وغيرها من الكتب والسجلات الصينية التاريخية. والجدير بالذكر أن الأغلبية العظمى للمبعوثين العرب كانوا يوفدون من قبل الحكومة المركزية للدولة الإسلامية، والأقلية منهم كانوا يوفدون من قبل الحكومات المحلية. وكان هؤلاء المبعوثين والتجار العرب يحملون النيات الطيبة للشعوب العربية كما حملوا معهم الأشياء النادرة والنفيسة كالزرافة، مثلا التي لم تكن آنذاك موجودة في الصين، كما وأحضروا معهم القرآن الكريم فأدخلوا الديانة الإسلامية والثقافة العربية إلى الصين.

كان التجار المسلمون يسافرون شرقا باتجاه شواطئ الجنوب الشرقي للصين، والكثير منهم يرسون في مدينة كوانجو أو مدينة يانجو الواقعة في الشمال منها، حيث كانوا ينقلون المئات من أصناف البضائع كالعطور (اللبان، الصمغ، الكافور، العنبر، الفلفل، عود الند/ عود هندي/ عود البخور وماء الورد ... إلخ) والجواهر (العاج، قرن الكركدن، العقيق، المرجان، الكهرمان) والأدوية (العر، الليلك، والقرنفل ... إلخ) والمنتجات الزجاجية بمختلف الأشكال والأنواع، ويعودون محملين بالبضائع الصينية كالخزف والحرير والشاي والمسك وغيرها من البضائع الصينية واسعة الشهرة. بينما كانت السفن التجارية الصينية تبحر بعيدا لتصل عمان والبحرين والبصرة. وكان الخليفة العباسي المنصور قد اعتبر أن بناء عاصمة جديدة في بغداد "ستجعل نهر دجلة صلة وصل بيننا وبين الصين البعيدة"، وكما هو متوقع لم يمض إلا وقت قصير على تأسيس بغداد حتى فتحت "سوق صينية" يباع فيها الحرير والخزف وغيرهما من البضائع الصينية.

وفي عهد أسرة يوان، فتحت الطرق البرية والبحرية ثانية بين الشرق والغرب، وشهدت التبادلات التجارية الصينية العربية تطورا كبيرا، حيث كانت السفن الراسية تغطي موانئ كل من تشوانجو وكوانجو. كما ذكر ابن بطوطة (1304-1377) الرحالة العربي الذي زار جنوب الصين في القرن الرابع عشر في كتابه أن "تشوانجو من أكبر المواني التجارية، ويمكن القول أنها أكبر ميناء تجاري في العالم، حيث شاهدت أكثر من مائة سفينة راسية في مينائها، بينما السفن والقوارب الصغيرة لا تعد ولا تحصى"، بينما كوانجو فهي من " أكبر مدن العالم، وفيها أفضل سوق في العالم". لقد شاهد هذا الرحال العربي عمق التبادلات التجارية العربية بأم عينه.

كانت حركة التبادل التجارية بين الصين والدول العربية في العصور القديمة صفحة مشرقة في تاريخ العلاقات الصينيةـ العربية. وكان العرب الذين بنوا جسرا موصلا بين شرق العالم وغربه قد نقلوا إلى العالم الغربي ما ابتكرته الصين من فنون في صناعة الورق والبوصلة والطباعة، ما أسهم في مسيرة الرقي الاجتماعي في أوروبا.

إن الاتصالات الودية الصينية العربية عميقة وعريقة. وأن أسس التعاون الصيني العربي في غاية المتانة والصلابة وإمكاناته الكامنة ضخمة جدا. ففي السنوات الأخيرة شهد التعاون العربي الصيني في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليم والصحة وغيرها توجها سريعا من التطور.

إلى الأصدقاء:   
طباعة الصفحة